وقيل أن رسول الله استصغر رافعًا فقام على خفين له فيهما رقاع وتطاول على أطراف أصابعه، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم أجازه
وبهذه الروح الوثابة الحريصة على الجهاد وقتال أعداء الله خرج الجيش الإسلامي وكان عدده يبلغ ألف مقاتل. فلما كانوا بالشوط (بين المدينة وأحد) انخذل عبد الله بن أبي بثلث الناس وقال أطاعهم وعصاني
وفيه ومن انسحب معه نزلت الآية:{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ}سورة آل عمران، آية 167
في ميدان أحد
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وصل سفح جبل أحد (وهو جبل على نحو ثلاثة كيلو مترات من المدينة)، وجعل ظهره وعسكره إلى جبل أحد ووجههم إلى المدينة
أما المشركون فقد نزلوا ببطن الوادي قرب سفح الجبل وعلى ميمنتهم خالد بن الوليد وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل
وأصدر الرسول صلى الله عليه وسلم أمرًا عامًا يمنع فيه المسلمين من محاولة الاشتباك مع المشركين قبل صدور أمره إليهم بذلك، ورتب الرسول صلى الله عليه وسلم رماة النبل خلف الجيش على ظهر الخيل، وهم خمسون رجلاً يقودهم عبد الله بن جبير، ووجه الرسول صلى الله عليه وسلم إليه توجيهه قائلاً: انضح الخيل عنا بالنبل لا يأتونا من خلفنا إن كانت الدائرة لنا أو علينا، فاثبت في مكانك لا تؤتين من قبلك، وأمرهم بأن يلزموا مركزهم ويثبتوا في مكانهم وأن لا يفارقوه ولو رأوا الطير تتخطف العسكر، و لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم درعًا فوق درع ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير رضي الله عنه
المعركة
واشتبك الفريقان ودنا بعضهم من بعض وقامت هند بنت عتبة في النسوة وأخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال يحرضنهم، فقالت هند فيما قالت ويها حماة الأدبار ويهابني عبد الدار
ضربًا بكل بتار
وتقول ونفرش النمارق إن تقبلوا نعانق
وفراق غير وامق أو تدبروا نفارق
نمارق : أي الوسائد الصغيرة و كل ما يجلس عليه
الوامق : أي المحب
وكان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد " أمت . أمت "، واقتتل الناس حتى حميت الحرب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقام إليه رجال فأمسكه عنهم حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة فقال: وما حقه يا رسول الله؟ قال: أن تضرب به العدو حتى ينحني، قال: أنا آخذه يا رسول الله بحقه فأعطاه إياه، وكان أبو دجانة رجلاً شجاعًا يختال عند الحرب، وكان إذا اعتصب بعصابة له حمراء علم الناس أنه سيقاتل. فلما أخذ السيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج عصابته تلك فعصب بها رأسه وجعل يتبختر بين الصفين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى أبا دجانة يتبختر: إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن وصار أبو دجانة يقول ونحن بالسفح لدى النخيل أنا الذي عاهدني خليلي
اضرب بسيف الله والرسول ألا أقوم للدهر في الكيول
فجعل لا يلقى أحدًا إلا قتله
و الكيول : أي اخر الصفوف و يعني عدم قيامه في الكيول الا يقاتل في مؤخرة الصفوف بل يظل ابدا في المقدمة